responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 9
بَدَلًا مِنْهُ وَهُوَ الْإِشْرَاكُ، فَحَسُنَ أَنْ يُقَرَّعُوا وَيُوَبَّخُوا عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ قبل النجاة.

[سورة الأنعام (6): آية 65]
قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (65)
أَيِ الْقَادِرُ عَلَى إِنْجَائِكُمْ مِنَ الْكَرْبِ، قَادِرٌ على تعذيبكم. ومعنى (مِنْ فَوْقِكُمْ) الرجم والحجارة وَالطُّوفَانُ وَالصَّيْحَةُ وَالرِّيحُ، كَمَا فَعَلَ بِعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ شُعَيْبٍ وَقَوْمِ لُوطٍ وَقَوْمِ نُوحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَابْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمَا. (أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) الْخَسْفُ وَالرَّجْفَةُ، كَمَا فَعَلَ بِقَارُونَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ. وَقِيلَ:" مِنْ فَوْقِكُمْ" يَعْنِي الْأُمَرَاءَ الظَّلَمَةَ،" أَوْ- مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ" يَعْنِي السَّفَلَةَ وَعَبِيدَ السُّوءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ أَيْضًا. (أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً) وَرُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيِّ" أَوْ يَلْبِسَكُمْ" بِضَمِّ الْيَاءِ، أَيْ يُجَلِّلُكُمُ الْعَذَابُ وَيَعُمُّكُمْ بِهِ، وَهَذَا مِنَ اللُّبْسِ بِضَمِّ الْأَوَّلِ، وَقِرَاءَةُ الْفَتْحِ مِنَ اللَّبْسِ. وَهُوَ مَوْضِعٌ مُشْكِلٌ وَالْإِعْرَابُ يُبَيِّنُهُ. أَيْ يَلْبِسُ عَلَيْكُمْ أَمْرَكُمْ، فَحُذِفَ أَحَدُ الْمَفْعُولَيْنِ وَحَرْفُ الْجَرِّ، كَمَا قَالَ:" وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ" [1] وَهَذَا اللَّبْسُ بِأَنْ يَخْلِطَ أَمْرَهُمْ فَيَجْعَلَهُمْ مُخْتَلِفِي الْأَهْوَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقِيلَ: مَعْنَى" يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً" يُقَوِّي عَدُوَّكُمْ حَتَّى يُخَالِطَكُمْ وَإِذَا خَالَطَكُمْ فَقَدْ لَبِسَكُمْ." شِيَعاً" مَعْنَاهُ فِرَقًا. وَقِيلَ يَجْعَلُكُمْ فِرَقًا يُقَاتِلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَذَلِكَ بِتَخْلِيطِ أَمْرِهِمْ وَافْتِرَاقِ أُمَرَائِهِمْ [2] عَلَى طَلَبِ الدُّنْيَا. وهو معنى (قوله) [3] (وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ) أَيْ بِالْحَرْبِ وَالْقَتْلِ فِي الْفِتْنَةِ، عَنْ مُجَاهِدٍ. وَالْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ. وَقِيلَ هِيَ فِي الْكُفَّارِ خَاصَّةً. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ فِي أَهْلِ الصَّلَاةِ. قُلْتُ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنَّهُ الْمُشَاهَدُ فِي الْوُجُودِ، فَقَدْ لَبِسَنَا الْعَدُوُّ فِي دِيَارِنَا وَاسْتَوْلَى عَلَى أَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا، مَعَ الْفِتْنَةِ الْمُسْتَوْلِيَةِ عَلَيْنَا بِقَتْلِ بَعْضِنَا بعضا واستباحة بعضنا أموال بعض.

[1] راجع ج 19 ص 250. [ ..... ]
[2] في ك: أهوائهم.
[3] في ك: أهوائهم.
اسم الکتاب : تفسير القرطبي المؤلف : القرطبي، شمس الدين    الجزء : 7  صفحة : 9
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست